Sunday, December 6, 2009

المغلوب على أمره مثل مدينته

على النقيض من كثيرين، لم أغرم قط بالشاعر اليوناني كفافيس عندما قرأت شعره قبل نحو خمسة أعوام...لا أدرى بالضبط إن كانت المشكلة تكمن فيما يكتب أو في توقعاتي عما يكتب ... فعندما تلقب شخصا ما بشاعر الاسكندرية فلابد أن يكون لهذه المدينة حضور طاغ في شعر هذا الرجل... لكن بعيدا عن كتاباته المغرقة في الشفقة على الذات والتي قد يراها البعض ابتذالا ويعتبرها آخرون معاناة رجل كتبت عليه الغربة ... لم أجد الاسكندرية قط في شعر كفافيس...المدينة بكل تاريخها تتلخص في عدد من الحجرات بمنزل صغير مؤلف من طابقين في شارع ليسبوس المعروف الآن باسم شارع شرم الشيخ والذي كان يسكن فيه الشاعر... الاسكندرية هي خاريكيليا... الأم الفائقة الجمال التي لم تدلل أيا من أبنائها التسعة قدر تدليلها لاخر عنقودها...هي ناظر المدرسة الذي فتح أمامه أبواب التاريخ... لكنها لم تكن أبدا هي... المدينة... تلك العلاقة الحميمية التي تنشأ بين المرء ومدينته لم ألمسها قط في شعره... وترسخ لدي هذا الاعتقاد بعد أن زرت منزله الذي تحول الآن إلى متحف تشرف عليه السفارة اليونانية بالاسكندرية...حضور قوي للغاية تشعر به منذ أن تطأ قدماك المنزل... بقايا ذكريات مشحونة لشخص قضى حياته كلها تقريبا خلف هذه الجدران... لكن هذا الحضور يبهت تماما بمجرد خروجك من المنزل... تساءلت طويلا عن السر في تسميته بشاعر الاسكندرية وقلت في نفسي انه ربما يكون شكلا من أشكال التهويل...ثم خطر لي ما يربط بينه وبينه مدينته هو أنه ببساطة ... مغلوب على أمره... مثلها

Tuesday, November 3, 2009

حبة نعناع، برميل نبيذ وقطعة كراميل

تحمل حقيبة سفر وحيدة وتشد الرحال... فلا تعرف بالضبط ما سينتظرك في الأرض الغريبة... تطوي في حقيبتك بعض الثياب والكثير من الترقب... تتسلل التوقعات التي تحاول أن تكبح جماحها فلا تملك سوى أن ترسم في ذهنك صورا لكل ركن ستطأه قبل حتى أن تصعد الطائرة... تخشى للحظة من الإفراط في الجموح وما قد يتبعه من خيبة آمل نتيجة شحوب الواقع أمام خصوبة الخيال... ثم تقرر أن تترك لنفسك العنان فعلى أسوأ الأحوال... سترى شيئا جديدا.
--------------------------------------------------------



* لبرلين مذاق ورائحة النعناع المنعش. لا يوجد ركن بلا أشجار... للشجر هناك شخصيات مختلفة. فهذه أوراقها حمراء تنبض بالحيوية وهذه ذات ورق أصفر يعكس ضوء شمس ليس موجودا بالفعل... وأخرى عجوز أوراقها بنية منهكة... لا تشبه شجرة الأخرى ولا يشبه طريقا الآخر...


















* تركب المترو فتفاجيء بالعيون تنظر إليك. ليس فضولا بل ترحيبا... الابتسامات الواسعة تقابلك في كل ركن تقع عيناك عليه... تستعيد في ذاكرتك كل العبارات والجمل التي رددوها عليك قبل السفر عن مدى جمود هذا الشعب... تنظر في الوجوة الطيبة حولك وتدرك إلى حد تبدو هذه العبارات جوفاء وقاصرة...










* تسير وحدك في الشوارع متجها صوب واحد من عشرات المعالم الأثرية فتجد في طريقك غابة منسية... شيء ما في صمتها يدفعك لاختراقها... تسير لمسافة طويلة بين الأشجار الطويلة قبل أن ينتهي بك المطاف أمام بحيرة تسبح فيها ثلاث بطات وبجعتان ويحرسها تمثال لطفل صغير... تجلس على حافة البحيرة تحاول أن تتأمل تعابيرالتمثال... يبدأ عقلك في نسج القصص عن الطفل... كيف وصل إلى هنا... هل يحرس طيور البحيرة... هل تحرسه... تجلس لساعات وفي النهاية تنهض وتلقي في البحيرة بقطعة نقدية ... والكثير من الذكريات


* على سفح تلة صغيرة بقرية سومراخ في إقليم بافاريا تكون رائحة العنب أقوى ما يكون... أمواج وسهول من كرمات العنب تحيط بالقرية الصغيرة وقرى أخرى وتمدها بسائل الحياة... تقف أسفل التلة قرب تمثال سان فالانتين تستمع للسيمفونية التي تعزفها أوراق العنب عندما يداعبها الهواء قبل أن تقرر الصعود إلى أعلى التلة حيث تمثال سان أوربان لتجلس على الدكة الخشبية المتهالكة قربه بانتظار الغروب... تدرك في لحظة ما أن كل ما كان يجعلك تعيسا لا قيمة له في عالم ... ليس من هذا العالم...

























* في بافاريا يحفر النبيذ خطوطا مميزة على لسانك فتصبح قادرا على التمييز بين عشرات الانواع المختلفة من الثمر الأبيض والاحمر... مثلما يحفر النقاشون الرسوم على براميل النبيذ العتيقة التي ستراها وأنت تتجول في الأقبية... الحفر ليس معرفة فحسب... بل هو الضمان الوحيد بانك أبدا لن تنسى...



* أربعة عشر ساعة هي مسافة الرحلة بالقطار من برلين إلى باريس... تخفت حدة المشقة عندما تدرك انك تتقاسمها مع رفقة طيبة بعضهم اتى مثلك من عوالم غريبة بل ويتحدث لغتك أيضا...



* في البداية ستبدو باريس لزجة وصعبة المضع مثل قطعة الكراميل... ستستاء من فوضاها وسيستعيد ذهنك صورة شقيقتها الالمانية الاكثر رحابة ونظافة لكنك ستقاوم شعور النفور وستنزل من شقتك لتستقل الحافلة وتتوجه إلى برج إيفل في التاسعة مساء فتصعد وتبدأ قطعة الكراميل في الذوبان في فمك فتستطعم للمرة الأولى حلاوتها وتدرك لما اطلق الناس على باريس اسم مدينة النور.














* عشرون كيلومترا قطعتها سيرا على الاقدام في آخر آيامي بباريس... طرقت خلالها عوالم من الازقة والمتاجر والروائح والبشرات المتباينة الالوان... عشرون كيلومترا فقدت خلالها الاحساس بقدمي وأصبح المشي عملية تتم بالقصور الذاتي... لكن الروح... كانت مشبعة...


















* تحمل حقيبة سفر وحيدة وتشد الرحال... تعرف بالضبط ما سينتظرك في أرض الوطن... تطوي في حقيبتك بعض الثياب والهدايا والكثير من الذكريات... الصور مرسومة بالفعل في الذهن.. كل ما عليه هو استحضارها... هذه المرة تطلق لتوقعاتك العنان... لان الخيال محدود للغاية..

Sunday, September 27, 2009

الغشاء على الطريقة الصينية

* يعني إيه مفيش فايدة... أهلها رافضين
* تماما ... قفلوا كل السكك في وشي
* طب أنا عندي فكرة كويسة
* قول
* اخرقها
* نعم!!!
* اه خدها معاك البيت واخرقها ساعتها هيجوزهالك غصب عنك
بغض النظر عن أن هذا المقتطف من ذلك الحوار البدائي يبدو غير مألوف في مجتمع يهرب رجاله من البنت "المخروقة" كما يهربون من الطاعون فقد تذكرت بكل حذافيره بعد أن قرأت
واقعة استيراد أغشية بكارة صناعية من الصين في حد ذاتها لم تثر دهشتي فمثل هذا الأمر طبيعي الحدوث في مجتمع يعيش ازهي عصور انهياره... لكني بصراحة انبهرت بقدرات الموردين الصينيين الاستشرافية... فهؤلاء الأباطرة العمالقة لم يستطيعوا فقط أن يستشرفوا النمط المصري السفيه في الاستهلاك بل سبروا أعمق من ذلك ووضعوا أيديهم على ذلك الازدواج الهستيري الذي أصبح مزمنا في الشخصية المصرية ليبتكروا هذا المنتج البديع الذي لن يحل أزمة للكثير من المخروقات فحسب لكنه أيضا سيساهم في الحفاظ على فصائل نادرة مثل شغت الحمام ولي الخرفان من الانقراض
وفي النهاية لا أملك سوى أن أهنأ جميع الأخوات المخروقات على هذا الحل العبقري الذي سينقذهن من العار والشنار وسيتيح لهن متعة الخرق مرة واتنين وتلاتة بما انه المنتج هينزل السوق بسعر في متناول يد الجميع... تمانين جنيه بس... بتمانين جنيه بس هتستعيدي شرفك يا مزة وحتى لو كنتي من النوع اللي بيلعب من برة برة خللي علبة معاكي احتياطي حدش ضامن الظروف يا شابة يمكن تقعي من على حصان ولا تطلعي مولودة أصلا من غير غشاء...
وآخيرا أحب أن أهدي مقطع الفيديو هذا من الفيلم الاستعراضي الرائع
A Chorus Line
لكل من لا يرى في المرأة مجرد "خرقة"


Friday, September 18, 2009

محاولة أخرى




لاني لا أجيد الهروب ولانني مدفوعة دائما بقوة داخلية نحو المواجهة ... تفشل كل محاولاتي لإلهاء نفسي عما أعيشه الآن .... لن يفلح كأس النبيذ ولا الملح الذائب في حوض استحمامي الذي تفوح منه رائحة الفانيليا... لن ينجح صوت إنيا الناعم وهي تترنم بكلمات أغنية


silent night


لن يجدي إلحاح الذاكرة علي بأنني أنجزت الكثير في الأشهر الستة الأخيرة (فقدت خمسة وثلاثين كيلوجراما من وزني، ادخرت ما يكفي من المال لاقوم برحلة أعرف تماما أنها لو تمت ستغير مجرى حياتي تماما. استعدت علاقة المحبة مع عمي بعد توتر دام سنين...حتى لو كان سبب عودة المياه لمجاريها هو المرض... زادت علاقتي توطدا بأصدقائي الحاليين بالاضافة إلى عدد لا بأس من الأصدقاء الجدد الذين جعلوا من ألفين وتسعة عاما مميزا. لن يلهيني الانشغال حتى مرفقي في عمل يشهد في هذه الفترة الكثير من التطورات والتوسعات التي لي فيها نصيب الأسد.


لن تنفع الملابس الجديدة ولا جولات التلصص على حسابي الذي أبطلته على الفيسبوك لأسلي نفسي بمشاهدة لقطات الفيديو التي التقطها لنا زميل مشاغب يهوي المقالب في العمل ... ولا الرحلة الأسبوعية لدار السينما مع صديق آخر من العمل لنجلس بعدها في أي مقهي نتناقش فيما شاهدناه من أفلام وكاننا روجر إيبرت ومايكل جليتز


حتى الحكمة التي زادتني بها قناعتي بأني لن أستطيع أن أضع كل مكونات حياتي تحت السيطرة وحتى مساعي التهدئة من خلال هذه التدوينة

أو الأغنية المصاحبة لها لأعظم مغني الجاز على الإطلاق

...


لن يفلح شيء لانه ببساطة شديدة لكي تقهر الانتظار عليك أن تنتظر

Friday, September 11, 2009

ترقب


أصبحت فكرة السفر جزءا لا يتجزأ من أحلامي هذه الأيام... أغمض عيني فتتابع في لحظات الطيران صور للغابات السوداء والمتاحف والقصور المشيدة على الطراز الباروكي... ومزارع النبيذ الأبيض العضوي... والتماثيل الثلجية الصغيرة التي تتحول إلى قطرات مياه في أقل من ثلاثين دقيقة... الوجوه التي سأقابلها ... موريس.. هانز... نينا... بيير... وغيرهم من الغرباء الذين لم تقع عيني عليهم من قبل

هو ذلك التوتر اللذيذ الممزوج بالإثارة وتلك الرغبة القوية في طي صفحة وفتح أخرى

Thursday, August 27, 2009

تساؤل


عندما تسير على الزجاج المكسور فلا تنزف ولا تتألم... عليك أن تتساءل.. هل بلغت أسمى مراحل القوة أم أعلى درجات البلادة؟

Friday, August 21, 2009

محاولة


العينان لا تكذبان أبدا

Tuesday, August 11, 2009

وصية


لا توجد حلول وسط... إما أن تلقي قلبك المغلق تحت عجلات القطار أو من نافذة شرفتك الصغيرة ... أو تلقي بحواجزك في البالوعة ولتتنفس وتبدع وتحب دون خوف أو قيود... فالواقع يا عزيزي هو أنه لا يوجد في عالمنا مكان لأنصاف الحيوات

Tuesday, July 28, 2009

نعمة

جميل أن يذكرنا ورم سرطاني بمدى حبنا للمقربين منا ومدى حبهم لنا

Saturday, July 11, 2009

نفاذ




تدهشني دائما تلك النظرة بقدرتها على الوصول إلى أبعد مما وصلوا وأتخيل

Saturday, July 4, 2009

خلق



كخلايا المنشأ البكر.. تظل الورقات البيضاء ... قابعة على مكتب... ملقاة على سرير... مصفوفة فوق رف... محايدة في تطابق تام بانتظار أن يتحدد مصيرها وتتشكل معالمها بما يخط فوقها من حروف وكلمات وجمل وفقرات. مثل زجاجة نبيذ جيدة... يتشرب الورق عصارة من يخط على سطحه...من يجثم عليه بتكديس الفقرات فوق بعضها دون هدف أو معنى ومن يمر بقلمه بخفة ليمهد بأبسط العبارات طريق خلوده. . ليخرج في النهاية حاملا ملامحه وطبائعها ... فينتهي به الأمر محفوظا بعناية في أرشيف الذاكرة أو ملقى بإهمال في سلة نفاياتها..

Saturday, June 20, 2009

Once...


"And games that never amount To more than they're meant Will play themselves out"

Tuesday, June 16, 2009

غضب


فارق كبير بين القناعة واليأس

Thursday, June 4, 2009

صنعة

لن اسعى بأي حال من الأحوال لمحاولة تحليل خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في القاهرة فأنا ممن يؤمنون بضرورة إعطاء العيش لخبازه...وأنا بالقطع لست ممن يجيدون خبز التحليلات وعجن النظريات... سأتوقف فقط عند نقطة واحدة: أوباما نفسه


يدرك الرئيس الأمريكي والمؤسسة التي تقف خلفه لتساعده على الحكم أن سر جاذبية هذا الرجل وشعبيته اللامتناهية لا يتعلق كثيرا بما يقوله ولكن بالكيفية التي يقوله بها. تلك الجبهة المرفوعة بكبرياء، العينان الحادتان اللتان تفرضان الثقة والاطمئنان على الناظر فيهما... عظام الوجنة التي ليست بارزة بقدر ما هي سلسة تتيح لجلد الوجنة أن يرسم خطوطا دقيقة على وجه الرجل لإبراز حدة العينين واتساع الابتسامة من هذا الفم العريض المزين بصفين من اللؤلؤ. الأصابع الطويلة الناعمة التي تتسلل بنعومة إلى الدماغ لتمسك بكل خيوطها وتحركها كما تشاء دون أن تشعر أنك سلبت القدرة على الحركة والتفكير المستقل. لا امتدح أوباما ولا أذمه لكنها مجموعة من الملاحظات التي جالت بذهني على فترات متباينة جعلتني على يقين بأن هذا الرجل شارب صنعة السياسة من بز السيدة والدته... يعرف تماما من أين تؤكل الكتف ومن أين يلحس الدماغ



الخطبة كاملة على موقع يوتيوب





ولمن يحب التحليلات والمقارنات التاريخية السياسية ... رابط آخر لخطاب السادات في القدس




Tuesday, June 2, 2009

وحدة


بين رجاحة عقله وخفة روحها... تكمن لعنتي الأبدية وخلاصي الحتمي

Sunday, May 31, 2009

من قبيل التعريص

تسخير القدرات الذهنية لتنظير الشعور

Tuesday, May 12, 2009

خلاصة



عندما تخونني القدرة على التبرير وعندما أغوص في مشاعر الألم والهوس بشكلها الفج الخام المهين وعندما أصاب بشلل أفقد معه كل قدرة على الخطو في أي اتجاه أدرك تماما أن الله لم يمنحني القدرة على الهروب والاختباء


أدرك أيضا أنه لا التشبث العنيف بالأمل ولا سحقه بغضب تحت قدماي يجديان... الحل الوحيد هو تجاهل الأمل تماما إلى أن يمل ويذوي من تلقاء ذاته.


كلما تمعنت فيما يحدث لي وحولي ازداد اقتناعا بأن الرب أصبح يشاهد الكثير من المسلسلات التركية


لم يدم الإحساس بالسعادة لنظرات الاهتمام والرغبة في عيونهم سوى لحظات فالحقيقة أنه تحت قصة الشعر الجديدة وتحت الجسد الذي صار أكثر ليونة وخفة لا يزال التعنت وعدم الأمان والحساسية المفرطة والعدائية والقسوة ... الفارق هو أنه بدلا من الشعور بالذنب من عدم استساغتهم لذلك أستطيع الآن أن أدعوهم لأن يضعوا مؤخراتهم في إصبعي الأوسط.

بعد تساؤلات ومحاولات مضنية للفهم أستطيع القول بشيء من الثقة أن ما يجمع بين الرجل والمرأة هو الكابينيه
اللوحة لكامل حلمي *

Friday, May 1, 2009

تساؤل

ماذ سيفعل المصريون لو ظهرت انفلونزا الحمير؟