على النقيض من كثيرين، لم أغرم قط بالشاعر اليوناني كفافيس عندما قرأت شعره قبل نحو خمسة أعوام...لا أدرى بالضبط إن كانت المشكلة تكمن فيما يكتب أو في توقعاتي عما يكتب ... فعندما تلقب شخصا ما بشاعر الاسكندرية فلابد أن يكون لهذه المدينة حضور طاغ في شعر هذا الرجل... لكن بعيدا عن كتاباته المغرقة في الشفقة على الذات والتي قد يراها البعض ابتذالا ويعتبرها آخرون معاناة رجل كتبت عليه الغربة ... لم أجد الاسكندرية قط في شعر كفافيس...المدينة بكل تاريخها تتلخص في عدد من الحجرات بمنزل صغير مؤلف من طابقين في شارع ليسبوس المعروف الآن باسم شارع شرم الشيخ والذي كان يسكن فيه الشاعر... الاسكندرية هي خاريكيليا... الأم الفائقة الجمال التي لم تدلل أيا من أبنائها التسعة قدر تدليلها لاخر عنقودها...هي ناظر المدرسة الذي فتح أمامه أبواب التاريخ... لكنها لم تكن أبدا هي... المدينة... تلك العلاقة الحميمية التي تنشأ بين المرء ومدينته لم ألمسها قط في شعره... وترسخ لدي هذا الاعتقاد بعد أن زرت منزله الذي تحول الآن إلى متحف تشرف عليه السفارة اليونانية بالاسكندرية...حضور قوي للغاية تشعر به منذ أن تطأ قدماك المنزل... بقايا ذكريات مشحونة لشخص قضى حياته كلها تقريبا خلف هذه الجدران... لكن هذا الحضور يبهت تماما بمجرد خروجك من المنزل... تساءلت طويلا عن السر في تسميته بشاعر الاسكندرية وقلت في نفسي انه ربما يكون شكلا من أشكال التهويل...ثم خطر لي ما يربط بينه وبينه مدينته هو أنه ببساطة ... مغلوب على أمره... مثلها