بالأمس زرتني في المنام.. كنا في بلد غريبة وكنا ننزل في فندق يطل على البحر في بقعة على حافة اللانهائية.. لم تحاول حتى أن تستكشف المكان.. فقط حملت سنارة ظهرت من العدم وسرت بها نحو شرفة تطل على ممر خشبي طويل ينتهي بالبحر.. جلست على كرسي وحيد يقبع في نهاية الممر والقيت بسنارتك وأنت تحدق في العدم بصمت.. ألقيت نظرة عليك وقد تحولت إلى كتلة مظللة بفعل الشمس الحارقة قبل أن اتوجه لغرفتي..بدا الأمر اشبه بدخول لوحة سريالية.. عتبة ثم بعدها لا شيء.. كانت أخشاب الغرفة الرمادية متداعية تحتها فراغ سحيق.. كان السرير يقبع في ركن الغرفة مسنودا على أربعة أعمدة خشبية هي أرضية الغرفة الوحيدة.. على الجدار فوق السرير كانت هناك لوحة بدت مألوفة في البداية ثم اكتشفت وانا ادقق النظر فيها أنها لوحة لك وأنت تصطاد السمك في نفس الوضعية التي تركتك جالساً عليها.. يتملكني شعور جارف لحظتها بافتقادك.. انزل الدرجات مسرعة.. تبدو قاعة الاستقبال مختلفة عما رأيتها صباحاً .. لا استطيع تحديد سبب الاختلاف.. الوقت ليل الآن لكن القمر برتقالي كامل الاستدارة.. أخرج للشرفة بحثاً عنك فاجدك اختفيت.. يخبرني موظف الاستقبال انك ذهبت لشراء طابع بريد.. اضحك بشكل هستيري من عبثية الموقف.. ادرك انني ابكي وسط ضحكي عندما اشعر بالدموع على وجهي.. يهبط علي اليقين لحظتها انني لن اراك مرة أخرى .. يصاحب اليقين ذلك الادراك - الذي اصبح معتادا- بأنني احلم.. لكني هذه المرة لا استرسل مع الحلم محاولة السيطرة على معالمه بل افتح عيني فوراً .. اكتشف ان الدموع التي سالت في الحلم .. سالت أيضا في الواقع.. احاول استرجاع تفاصيل الحلم فاتذكر انني فعلياً لم أر وجهك على الإطلاق طيلة أحداثه.. استدعي صورتك في مخيلتي فتأتيني باهتة مشوشة.. لم أعد أذكر الكثير من ملامحك، استدعاء الصورة ذاته لم يكن مصحوباً بشعور معين.. رحيلك عن عالمي خرج من حيز ما هو مستحيل لما هو قائم.. أقول ذلك لنفسي وأنا امسح دموعي وانفض الحلم عني لأبدأ يوماً جديداً