شريط بصري يكثف عمراً بأكمله في لقطات متتابعة بشكل عشوائي - أو ربما ليست على هذا القدر من العشوائية-يعبر بالبرق مذكراً إياه بما فعل ولم يفعل .. بما قال ولم يقل .. بما عاش ولم يعش
تختفي اللقطات مع تسارع معدل ضربات القلب إلى أعلى سرعة لها .. تحتل الهواجس الصورة الآن .. مئات الأسئلة تتدفق بيأس مدركة - بحتمية مخيفة - أن اللحظات المتبقية لن تأتي أبداً بالأجوبة
ليس صحيحاً أننا نفتقد من يغادرنا .. فالحق أن من يغادرنا يكون له النصيب الأكبر من الفقد
من يغادرنا لن يعرف أبداً كم أحببناه
كم تألمنا لفراقه
كيف سنتذكر لحظاتنا معه
كيف سنتمنى وجوده ليتقاسم معنا لحظات البهجة
لن يدرك وطأة ذلك الفراغ الذي كان مساحة كتفه الذي كنا نستند عليه برؤسنا فنشعر أن بالعالم بعض من العدل
ليس صحيحاً أن من يغادرنا يرحل بسلام
لا لأنه خائف من الموت
لكن لأن آخر ما يحمله وما سيظل رفيقه في عالمه الآخر
هو هاجس وحيد لن يتغير حيث لا وجود للزمن
أننا سنتوقف عن المحبة والألم والتذكر والتمني
وأن الشريط البصري الذي استحضره بتفاصيل حية
سيتحول في أذهاننا للومضات خاطفة تزداد شحوباً يوماً تلو الآخر
ثمة حتمية في الفقدان .. لكن الفقد -كالحب - شارع ذو اتجاهان