Monday, March 7, 2011

جمعة شرف.. خزي لاظوغلي.. واسبوع أسود

مازلت أحاول استيعاب ما حدث في الايام التي أعقبت جمعة المطالبة بحل أمن الدولة ونزول رئيس الوزراء المكلف عصام شرف إلى الشوارع. بشكل شخصي كنت أكثر من راضية عن تلك الجمعة حيث غلب على التجمع في ميدان التحرير الطابع الجدي والتركيز على المطالب بالمقارنة مع جمعات أخرى أخذت طابعاً احتفاليا. كنت سعيدة أيضا لاني كنت في موقع يسمح لي برؤية ما يحدث بشكل جيد وإيصال صورة جيدة لمعالم اليوم عن طريق موقع التواصل الاجتماعي تويتر. مع انتهاء اليوم كنت قد قررت بان أعلق مشاركتي في أي اعتصام في الميدان لمدة اسبوع لأمنح حكومة عصام شرف فرصة لاتخاذ تحركات ملموسة لتنفيذ مطالب الثورة. عدت إلى منزلي في المساء لأفاجأ بالأنباء المتعلقة بإحراق ملفات أمن الدولة في منطقة الفراعنة في الاسكندرية. ثم في الصباح بدأت العملية ذاتها في مقر أمن الدولة في السادس من اكتوبر ومدينة نصر. بحكم سكني القريب من مدينة نصر توجهت إلى هناك لأتابع ما يحدث. وصلت في الرابعة لأجد قرابة ثلاثمئة شخص يهتفون ضد أمن الدولة هناك. ظللنا هناك حتى الساعة السادسة قبل أن يبدأ الاقتحام. في البداية حاول الجيش أن يمنعنا من الدخول قبل أن يستسلم لضغط العدد الذي ارتفع إلى قرابة ألف وخمسمئة. في البداية اقتحمنا المبنى الرئيسي حتى وصلنا إلى مكتب حبيب العادلي. نظرة واحدة على هذا المكان ستنبئك بأين تذهب أموال مصر المهدرة.. مكان هو أقرب لغرفة في برج خليفة منه إلى مكتب رئيس جهاز أمن الدولة .. المهم خرجنا من المكتب وتجولنا في المكان بحثا عن وثائق وعن أي دلائل على وجود سجناء. طبيعة المكان المعقدة وتصميمه الدهاليزي كانت تعوقنا وكنا بحاجة لخريطة لتصميم المكان حتى نستطيع التحرك فيه بشكل منظم. أكثر ما أُثار دهشتي هو موقف الجيش المتناقض الذي حاول بكل قوة أن يردعنا عن الدخول في البداية ثم أبدى تعاونا غير مفهوم معنا بعد ذلك لدرجة ان ضابطا في الجيش صعد معي إلى الدور الثالث في احدى المباني الملحقة وكسر كل الابواب امامي وقال لي "صوري براحتك" وقد كان بالفعل. التقطت صورا لكل شيء بدءا من ملفات وحتى أدوات تعذيب!! المهم أن العملية انتهت بنجاح مع وصول فريق من النيابة العامة للتحفظ على الوثائق ونقلها إلى النيابة العامة. ذهبت مع أصدقائي بعد ذلك إلى مقهى قريب تملأنا نشوة الانتصار على أحد أهم معاقل أمن الدولة في مصر . اتفقنا على اللقاء في لاظوغلي في اليوم التالي حيث ابلغني مالك مصطفى بوجود تحرك مماثل مزمع هناك. بثقة المنتصر أو ربما بغروره كنا نتصور أن الأمر في لاظوغلي سيكون سهلا مثلما كان في مدينة نصر.لكن كما يقول الدكتور رفعت اسماعيل: كنت ساذجاً

بدأ اليوم بتجمع لعدد محدود يقارب ثلاثين شخصا في ميدان لاظوغلي القريب من شارع القصر العيني. كنت قد شاهدت قبلها ثلاث سيارات تتبع الامن المركزي وهي تغادر المنطقة محملة بالجنود والضباط وربما الوثائق تحت إشراف الجيش وعندما قمت بتصويرها اقترب مني ضابط ومجند في الجيش وبدآ في التحرش بي طالبين مني الكاميرا. رفضت بقوة وسرت مبتعدة عنهم بسرعة. المهم مع اقتراب العدد من مئة شخص بدأنا التحرك صوب مبنى أمن الدولة. كانت الخطة هي ان ننتظر حتى يصبح عددنا كبيرا ثم ندخل المبنى. استمر الحال هكذا قرابة خمس ساعات من المفاوضات العبثية مع الجيش من أجل السماح لنا بالدخول وادعاءه بأنه سمح بالفعل لعشرة أشخاص بالدخول - بدون تنسيق مع أي من الواقفين ودون معرفة لمن هم الذين دخلوا - خلال الساعات الخمس كان واضحا أننا مخترقون من قبل أفراد من امن الدولة .. من سعوا لتهييج الناس ضد الجيش ومن قابلونا باقذع الألفاظ. عند السادسة كنا قد اتفقنا مع الجيش على الدخول في مجموعات من عشرة أفراد قبل أن نفاجأ بمجموعة بدأت في سحب المتاريس من أمام دبابات الجيش في محاولة للاقتحام. اعقب ذلك اطلاق نار كثيف من الجيش وظهور مفاجيء لعدد من البلطجية من ميدان لاظوغلي وهم يرشقون الناس بالحجارة والمولوتوف. صاحب ذلك تقدم أفراد من الجيش نحو المتظاهرين الامر الذي اجبر البعض على التراجع والبعض الاخر ومنهم انا وعزة مغازي وهبة نجيب إلى الدخول في مبنى مجاور للاحتماء به. بعد دقائق فتحت بوابة المبنى لاستطلع الوضع فرأيت اثنين من مجندي الجيش يتجهان نحوي ويحملان هراوات ويصيحان بحدة.. ادخلي جوة.. ادخلي جوة.. سألته هتضربني.. قبل أن أفاجأ بيد تجذبني داخل المبنى واخرى تغلق الباب. ظللنا هناك نحو عشرين دقيقة قبل ان يفتح الباب ويدخل منه سبعة من أفراد الجيش اخذوا يخاطبوننا بعصبية ويتهموننا باننا السبب في سقوط مجند من صفوفهم. سيدة حاولت الحديث معهم فقال لها احدهم" ** أمك". كنت اهم بالرد عليه لولا ان دخل ضابط شاب يبدو عليه له الهدوء اخبرنا بانه سيتم اخراجنا في صفين نساء ورجالا .. قلت له يا ريت انت تتكلم معانا لان الباقي عصبيين واللي وراك ده شتم الست دي بلفظ بذيء. كاد المجند البذيء يهاجمني لولا ان تصدى له الضابط وامره بالخروج .. تجمعنا في صفين وبدأنا بالتحرك واثناء خروجنا شاهدت خمسة مجندين يقتادون شابا كان قد انضم الينا من شبرا الخيمة ويوسعونه ضربا. حاولت ان اخبرهم بانه ليس بلطجيا لكن افراد الجيش دفعونا للامام.

طبعا لست بحاجة للقول ان اليوم انتهى بشكل قاتم. وما اعقبه من احداث كارثية بدأت بهدم كنيسة اطفيح مرورا بالاشتباكات الطائفية في المقطم والسيدة عائشة ومنشأة ناصر وانتهاء بفض اعتصام التحرير بالقوة بالاشتراك بين الجيش والبلطجية.

في الحقيقة أنا لا املك تصورا لما سيحدث بعد ذلك كما لا اريد استعداء احد ضد القوات المسلحة.. لا اريد شيئا في الحقيقة.. سأتوقف عن الكلام وسأدع الصور تتكلم.

في هذا الالبوم صور جميلة استيقظت عليها يوم جمع الشرف للمعتصمين وهم ينصبون علم مصر العملاق وسط الكعكة الحجرية

http://www.flickr.com/photos/60329285@N04/sets/72157626222180324/

في هذا الالبوم صور لبعض ما شهدناه اثناء موقعتي مدينة نصر ولاظوغلي

http://www.flickr.com/photos/60329285@N04/sets/72157626096827033/

في هذا الفيديو مشاهد لفض اعتصام التحرير من قبل الجيش

http://www.youtube.com/watch?v=sK2jNRyt_ZE&feature=player_embedded#at=19

No comments: